الأحد، 5 يناير 2014

• عمر بن أبي ربيعة... زعيم الغزل الإباحي (الحضري)


هو عمر بن أبي ربيعة المخزومي القرشي، كنيته أبو الخطاب... ووصف بشاعر قريش وفتاها، وهو أحد شعراء الدولة الأموية، ويعد زعيم المذهب الفاحش في التغزل... (ولد في 643م= 23هـ، وتوفي في 711م= 93هـ). نعت بأرق شعراء عصره، وعد من طبقة جرير والفرزدق والأخطل... 

    ولد في الليلة التي توفي فيها عمر بن الخطاب سنة23 هـ، فسمي باسمه، وقال الناس بعد ذلك: "زهق الحق، وظهر الباطل..."
نسب الشاعر عمر بن أبي ربيعة
عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن كعببن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر... من بني مخزوم إحدى بطون قبيلة  قريش.
سيرة الشاعر عمر بن أبي ربيعة
شب الفتى عمر على دلال وترف، فانطلق مع الحياة التي تنفتح رحبة أمام أمثاله ممن رزقوا الشباب والثروة والفراغ. لها مع اللاهين، وعرفته مجالس الطرب والغناء فارسا مجليا ينشد الحسن في وجوه الملاح في مكة، ويطلبه في والمدينة الطائف وغيرهما.
    رأى في موسم الحج معرض جمال وفتون، فراح يستغله، إذ يعتمر ويلبس الحلل والوشي، ويركب النجائب المخضوبة بالحناء، وعليها القطوع والديباج... ويلقى الحاجّات من الشام والمدينة والعراق، فيتعرف إليهن، ويرافقهن، ويتشبب بهن، ويروي طرفا من مواقفه معهن... شاقته هذه المجالس والمعارض، فتمنى لو أن الحج كان مستمرا طوال أيام السنة:
ليت ذا الدهر كان حتما علينا     كل يومين حجة واعتمارا
    ومما يروى أن سليمان بن عبد الملك سأله: «ما يمنعك من مدحنا؟». فأجابه: «أنا لا أمدح إلا النساء».
   وصف في شعره النساء وطرافتهن في الكلام، وحركاتهن، وبرع في استعمال الأسلوب القصصي والحوار، وتتميز قصائده بالعذوبة والطابع الموسيقي... وقد تغنى كبار الموسيقيين في ذلك العصر بقصائده.
    جعل عمر من الغزل فناً مستقلاً... وكان يفد على عبد الملك بن مروان، فيكرمه ويقربه... وخلف ديوانا في مدح النساء، باستثناء أبيات قليلة في الفخر...
   وكان عمر بن أبي ربيعة على جانب من الإعجاب بنفسه... وفي العديد من قصائده يصور نفسه معشوقا لا عاشقا، والنساء يتهافتن عليه، ويتنافسن في طلبه... وكان يتحدث عن «شهرته» لدى نساء المدينة، وكيف يعرفنه من أول نظرة:
قالت الكبرى: أتعرفن الفتى؟     قالت الوسطى: نعم، هذا عمـر
قالت الصغرى، وقد تيمتهـا:     قد عرفناه، وهل يخفى القمـر؟!
    ويمتاز شعر عمر بن أبي ربيعة بقدرته على وصف المرأة، وعواطفها ونفسيتها، وهواجسها وانفعالاتها، وميلها إلى الحب والغرام، وكل ما يتعلق بها وبجمالها وحسنها، والتعبير الجاذب لها، حتى قيل: ما من امرأة لحظت عمر بن ابي ربيعة يتقرب منها، ويصف لواعج حبه لها، إلا وقعت في شراك حبه.
درس شوقي ضيف شخصية (عمر بن أبي ربيعة)؛ فاستفاد من علم النفس، ووقف عند ظاهرة جديدة في الشعر العربي جاء بها عمر؛ هي تحويل الغزل من المرأة إلى الرجل؛ فالمعهود هو أن يتغزل الرجل بالمرأة، لا العكس كما حدث مع عمر الذي أصبح هو المعشوق لا العاشق. وفسّر الناقد هذا التحول بأن عمر كفلته أمه بعد موت أبيه، فقامت على تربيته، وتعلقت به بوصفه وحيداً وجميلاً، وأغدقت عليه من فيض حنانها ودلالها؛ فانعكس ذلك إعجاباً بنفسه في شعره؛ فالنساء هن اللواتي يطلبنه، ويعشقنه، ويرغبن في وصله، بينما يختال هو عليهن، ويتأبى ويتمنّع إعجاباً بنفسه. وهذا الإعجاب الزائد بالنفس هو ما سماه علماء النفس بـ(النرجسية)...
إعـداد: د. أنـور الموسـى
كلية الأداب/ الجامعة اللبنانية
إقرأ أيضًا:
إبراهيم طوقان.. شاعر له عينا زرقاء اليمامة
ديكِ الجن.. ديك الشعر الفصيح
مالك بن الرَّيـْب.. يرثي نفسه




هناك تعليق واحد: